يستضيف لبنان، والذي يبلغ عدد سكانه 6 ملايين نسمة، اليوم نحو 1.5 مليون نازح سوري- يشكل الأطفال نسبة 54% تقريباً منهم. وتشير الإحصائيات إلى ان لبنان تأتي في المرتبة الأولى عالمياً من حيث تركز اللاجئين حسب عدد السكان، حيث يشكل اللاجئون 25% من السكان.
بالنظر إلى معدلات الفقر المرتفعةً أصلاً حتى ما قبل تدفق اللاجئين، لا يزال الوضع في لبنان متداعياً، إذ يشكل عامل ضغط على كافة القطاعات ابتداءً من التعليم والصحة، وصولاً إلى الإسكان وإمدادات المياه والكهرباء. وبحسب خطة الأزمات اللبنانية (2017-2020)، يشكل الأطفال والمراهقون نحو نصف أولئك المتأثرين بالأزمة، ويواجه ما لا يقل عن 1.4 مليون طفل حالياً الخطر والحرمان، مع حاجة شديدة للخدمات الأساسية والحماية. وتعاني الخدمات العامة من الضغط الشديد، إذا يفوق الطلب قدرة المؤسسات والبنية التحتية على تلبية الاحتياجات المتزايدة. وفي الوقت الراهن، يعيش مليون لبناني وأكثر من 70% من النازحين السوريين تحت خط الفقر. لقد أدت كافة هذه العوامل إلى إجبار ثلاثة أرباع الأسر النازحة على اتباع نهج تكيف سلبية، مثل تقليل الإنفاق على الغذاء وشراء الغذاء من خلال الاستدانة، أو خفض النفقات على التعليم والصحة، أو إخراج الأطفال من المدرسة وإرسالهم للعمل، أو بيع المنازل والأصول المنتجة.
برنامج قدرة في لبنان
تمثل خطة الاستجابة للأزمات (2017-2020) إطاراً توجيهياً لنشاطات برنامج "قدرة" في لبنان. وهذه الخطة هي عبارة عن خطة مشتركة متعددة السنوات ما بين الحكومة اللبنانية والشركاء الدوليين والوطنيين بغرض معالجة الاحتياجات وأوجه الحرمان لدى اللاجئين والمواطنين والمجتمعات والمؤسسات اللبنانية المتضررة بفعل الأزمة.
تسعى نشاطات البرنامج في لبنان إلى تعزيز مستوى الصمود لدى اللاجئين والمجتمعات المستضيفة من خلال تحسين البنية التحتية التعليمية، وتوسيع وتحسين المهارات المهنية، وتعزيز الترابط الاجتماعي عبر تدابير مختلفة.
:ومن خلال العمل بحسب القوانين والأنظمة الوطنية، يهدف برنامج "قدرة" إلى مساعدة كافة أصحاب الشأن في لبنان في المجالات التالية
(تحسين البنية التحتية المدرسية وجعل الوصول إلى الأنشطة اللامنهجية متاحاً (الوكالة الألمانية للتعاون الفني
.يسعى برنامج "قدرة" إلى زيادة الوصول إلى الخدمات التعليمية الجيدة من قبل الأطفال والطلبة السوريين واللبنانيين في لبنان
من خلال هذه المبادرة، يستجيب برنامج "قدرة" إلى الاحتياجات الملحة في القطاع التعليمي، حيث تشير إحصائيات خطة الاستجابة للأزمات إلى وجود نحو 500,000 طفل سوري نازح مسجلين في لبنان ممن هم في سن المدرسة (3-17 عاماً)؛ إلا أن نصفهم- أكثر من 250,000 طفل- هم خارج المدرسة بالإضافة إلى 50,000 طفل لبناني في سن المرحلة الابتدائية (6-14 عاماً). العديد من العوامل شكلت عوائق رئيسية أمام الالتحاق والحضور المدرسي، وأدى ذلك إلى ارتفاع عدد المتسربين من المدرسة: عمل الأطفال، والتكاليف المرتفعة للحضور المنتظم إلى المدرسة، بما في ذلك المواصلات، وبُعد وخطورة الذهاب الى المدرسة، والعوائق اللغوية أمام التعليم، والبنى التحتية الحالية البالية في المدارس مع تدهور خطير في المرافق الصحية. وبقصد التعامل مع الاحتياجات التعليمية المتزايدة لدى اللاجئين والمواطنين اللبنانيين، واعتباراً من كانون الثاني/يناير 2016، تم فتح 238 مدرسة إضافية بنظام الفترتين. وكنتيجة لذلك، أصبح نظام المدارس الحكومية في لبنان يرزح تحت ضغط شديد إذ أصبحت .المدارس تعاني من الاكتظاظ
يسعى برنامج "قدرة" في لبنان إلى تحسين الوضع المذكور من خلال إعادة تأهيل المدارس مع خصائص شمولية، وتزويد المدارس بمرافق للنشاطات اللامنهجية (على سبيل المثال، الرياضة، ساحات اللعب)، وتوفير فرص تطوير القدرات للكادر التعليمي، .وأولياء الأمور، والباحثين الاجتماعيين بالتعاون الوثيق والشراكة مع وزارة التربية والتعليم العالي. ويجري بشكل مشترك إعداد وحدات حول كيفية استخدام النشاطات اللامنهجية في تطوير كفايات اجتماعية وشخصية
(توسيع وتحسين المهارات المهنية الأساسية (الوكالة الألمانية للتعاون الفني
.يتمثل الهدف العام لهذا المكون في تعزيز الفرص التعليمية والاقتصادية للمجتمعات المستضيفة واللاجئين السوريين من خلال تدابير التدريب المهني، وبالتحديد للشباب والنساء في لبنان
تركز نشاطات تطوير القدرات في لبنان على تدابير تدريبية نظامية وغير نظامية قصيرة المدى لفئات مستهدفة، بحيث تهدف بشكل عام إلى تقوية مستوى الصمود لديهم والمساهمة في تحقيقهم للاكتفاء الذاتي الاقتصادي. وبالتعاون الوثيق مع منظمات غير حكومية محلية ومقدمي خدمات تدريبية مرموقين، يتم عقد تدريبات متخصصة في العديد من المجالات المهنية- مثل الإنشاءات، والزراعة، والخدمات، والمهارات الأساسية للتمريض- والتي تتوافق مع متطلبات سوق العمل. وفي إطار هذا المسعى، يتم عقد .برامج تدريب المدربين ونشر التوعية حول تطوير المهارات والتدابير التدريبية المهنية
.وتكون البرامج قصيرةً في العادة، حيث تستمر لمدة 1-3 أشهر، مما يساعد المتدربين على اكتساب المؤهلات الضرورية للانضمام بشكل سريع إلى سوق العمل. وتركز هذه البرامج على منح المتدربين مهارات عملية يمكنهم تطبيقها مباشرةً في العمل
(تعزيز الترابط الاجتماعي عبر الخدمات المجتمعية (الوكالة الفرنسية للخبرة الدولية الفنية
بقصد تعزيز الاستقرار الاجتماعي بين اللاجئين والسكان المحليين في أربع مجتمعات مستضيفة في البقاع اللبناني، يوفر برنامج "قدرة" الخدمات الأساسية من خلال أربعة مراكز مجتمعية شبه دائمة. وفي هذا الإطار، يسعى هذا المكون لمنع تهميش الأطفال عبر نشاطات تعكس مشاركةً إيجابيةً في مجتمعاتهم. كما تركز النشاطات على تحسين الفرص أمام البالغين في كلا المجتمعين لتطوير مهاراتهم الحياتية. وتعد جلسات التوعية المجتمعية والدعم النفسي والاجتماعي أجزاء هامة من هذا المكون، والذي يسعى .أيضاً إلى تحسين تبادل المعلومات وضمان وصول اللاجئين والمجتمعات المستضيفة للمعلومات حول حقوقهم وواجباتهم في لبنان
(تشجيع الحوار الإقليمي والوطني (الوكالة الألمانية للتعاون الفني
يعمل برنامج "قدرة" على جمع اللاجئين، والنازحين، والمجتمعات المستضيفة، وأصحاب الشأن المحليين والوطنيين والإقليميين في منصات مختلفة بغرض تشجيع كافة الأطراف على الدخول في حوار بناء وتبادل الخبرات. ومن خلال هذه الاستراتيجية التشاركية، تهدف فعاليات ونشاطات البرنامج إلى إعداد استراتيجيات جديدة ومبتكرة لتقديم استجابة مناسبة لأزمة اللجوء في المنطقة. وبشكل أكثر أهميةً، تناصر هذه الوحدة وتوفر آليات لايصال صوت اللاجئين، وأفراد المجتمعات المستضيفة، والنازحين.
يلعب برنامج "قدرة" في لبنان، ومن خلال العديد من الفعاليات والنشاطات، دوراً أساسياً في بناء الجسور وإيجاد التوافقات بين كافة الأطراف المعنية. كما توفر مختبرات الصندوق الاستئماني الأوروبي "مدد" منتدى فريداً لتلك اللقاءات، حيث يجتمع كافة .الأطراف لبحث وتحديد القضايا الرئيسية المتعلقة بأزمة اللجوء وإيجاد حلول واقعية مبتكرة